صالح بن يوسف لم يكن دستوريا بعد 1955 بقلم د.سالم لبيض - حركة الشعب - ارادة شعب

حركة الشعب-تونس

Hot

Post Top Ad

الثلاثاء، 28 مارس 2017

صالح بن يوسف لم يكن دستوريا بعد 1955 بقلم د.سالم لبيض


سالم لبيض
لا أدري ما الذي يدفع ببعض الدستوريين اليوم إلى إعلان حنينهم إلى صالح بن يوسف والترويج إلى أنه دستوري بن دستوري وهو ينتمي إلى العائلة الدستورية. لا أحد ينكر بأن
 الزعيم الشهيد كان دستوريا منذ سنة 1935 وإلى سنة 1955 وهو الباني الحقيقي للحزب الدستوري الجديد الذي كان موحدا آنذاك، باعتراف المؤرخين. لكن يجب على الجميع أن يعلموا أن صالح بن يوسف لم يعد دستوريا بمعنى الانتماء إلى الحزب الدستوري الجديد منذ شهر أكتوبر 1955 تاريخ انعقاد مؤتمر صفاقس ذائع الصيت الذي أقصاه من ذلك الحزب. يجب أن يعلموا أن صالح بن يوسف أضاف عبارة الأمانة العامة إلى الاسم التقليدي أي الحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان يعتبر نفسه قائدا له بعد فصله في المؤتمر المذكور، وهذا موثق في الكتاب الذي أصدرته كتابة الدولة للشؤون الخارجية التونسية سنة 1958 وعنوانه "كتاب أبيض في الخلاف بين الجمهورية التونسية والجمهورية العربية المتحدة ص 189 - 211"، ثم بعد ذلك أصبحت التسمية الشائعة هي حركة الأمانة العامة التي تحولت إلى حركة سياسية مقاومة لا تعترف إلا بالعمل المسلح أسلوبا لتحقيق الأهداف السياسية وطرد المستعمر ولتصحيح اتفاقيات الاستقلال الداخلي والاستقلال التام التي جاءت منقوصة وشكلت خطوة إلى الوراء على حد قول بن يوسف نفسه الذي أصبح يمضي القائد الأعلى لجيش التحرير الوطني التونسي (انظر رسائل صالح بن يوسف من ليبيا نفس المرجع ص 47 -114). ولقد تشكلت ملامح الحزب الجديد في علاقة بالتحولات الجيو-سياسية التي عرفها الوطن العربي والعالم لاسيما الثالث منه بعد الحرب العالمية الثانية فلم يعد بن يوسف يرى في مصير تونس مرتبطا بفرنسا كما هو حال غريمه وعدوه السياسي بورقيبة، وإنما بات يربط ذلك المصير بالمحيط القريب أي الجزائر والمغرب مما جعله نصيرا للثورة الجزائرية وحليفها الذي لا يحيد عن مبدئه، وبمحيطها الأبعد أي مصر التي باتت تشكل عربة قيادة المنطقة بأكملها التي تعادي الاستعمار التقليدي وتؤمن بالاستقلال التام بعد أن تبلور ذلك الاتجاه في مؤتمر باندونغ سنة 1955 وشارك فيه صالح بن يوسف. وهذه أشياء معروفة ولن يضيف شيئا إثارتها وإنما هو تذكير بها لا أكثر.
 لكن الجديد فعلا في ظل التجاذبات السياسية هو عودة بعض البورقيبيين والدستوريين أحزابا كانوا أو أفرادا للحديث عن دستورية صالح بن يوسف. أقول لهم إذا كنتم نسيتم أو تناسيتم لأسباب تتعلق بالبراغماتية السياسية التي تصل إلى حد الانتهازية المنافية للأخلاق بأنكم من اغتال صالح بن يوسف في 11 أوت سنة 1961 فيجب أن نذكركم به. وإذا كنتم نسيتم أو تناسيتم بأن رئيس حزبكم الحزب الحر الدستوري الجديد هو من أخذ ذلك القرار يجب أن نذكركم به أيضا. وإذا كنتم نسيتم أو تناسيتم بأن من نفّذ تلك العملية البشعة ضد الزعيم الكبير ويتّم أبنائه ورمّل زوجته ويتّم من ورائه شعبا كان في أغلبه مُنتم أو مناصر لحزب بن يوسف حركة الأمانة العامة كما تسمى، فيجب أن نذكركم بأنهم عناصر من مليشيا الحزب الدستوري الجديد. وإذا كنتم نسيتم من أشرف على تلك العملية القذرة فيجب أن نذكركم بأنها الأجهزة الأمنية التي يُسيّرها الحزب الحر الدستوري الجديد. وإذا كنتم قد غيّبتم عن ذاكرتم من تولى إجراءات الدفن والجنازة الرسمية للزعيم الشهيد بما يليق بمقامه نذكركم بأنه جمال عبد الناصر وليس الحبيب بورقيبة. وإذا كنتم لا تعرفون من تكفّل بعائلة الزعيم الشهيد وبدراسة أطفاله ومستقبلهم ومصير تلك الأسرة نقول لكم بأنه عبد الناصر الذي كان يعاملهم معاملة أبنائه الحقيقيين وليس بورقيبة. وإذا كنتم نسيتم من قتّل أنصار بن يوسف الذين يُعدّون بالآلاف وشرّدهم وأعدمهم وحاكمهم وهم الوقود الحقيقي للثورتين التونسية والجزائرية آنذاك نقول لكم بأنه بورقيبة وحزبه. وإذا كنتم لا تعرفون من يدفع جرايات المقاومين اليوسفيين الذين بقوا على قيد الحياة وإلى اليوم نقول لكم بأنها الدولة الجزائرية وليست الدولة التونسية التي تولى شأنها الحكومات الدستورية المتعاقبة. وإذا كنتم لا تعرفون لماذا جاء بن علي وحزبه الدستوري برفات الزعيم صالح بن يوسف إلى تونس ودفنه في مقبرة الشهداء يوم أن انطلت الحيلة على الجميع نقول لكم هم السابقون في استثمار صورة الزعيم الشهيد ورأسماله الرمزي والنضالي وأنتم اللاحقون بعد أن اطمئنوا عليه راقدا إلى جانب بعض قتلته. وإذا كنتم لا تعرفون ماذا قال رجل بن علي الأول سنة 1988 وهو أحد كبار الحزب الدستوري آنذاك لأبناء الشهيد صالح بن يوسف نقول لكم بأنه أبلغهم بأنهم مُرحّبا بهم إذا أرادوا أن يعيشوا كمواطنين عاديين أما إذا هم رغبوا في ممارسة السياسة واستنهاض تراث والدهم السياسي فلا أهلا ولا سهلا بهم وعليهم أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة. وإذا أردتم أن تعرفوا من هم الرجال البررة الذين بقوا أوفياء لمبادئ بن يوسف وأصدقاء لعائلته نقول لكم بأنه الرئيس الراحل أحمد بن بلا وأبناء الزعيم المغربي المهدي بن بركة وغيرهم من الأوفياء لمبادئ الرجل والغيورين على إرثه السياسي وعلى عائلته وأنصاره من العروبيين والقوميين بمشاربهم السياسية المختلفة وليسوا الدستوريين بأي حال من الأحوال. بعد كل هذا أي شرف تدعونه لأنفسكم أيها السادة الدستوريين والبورقيبيين أفرادا كنتم أم أحزابا؟ إن صالح بن يوسف لم يكن دستوريا بعد سنة 1955 بأي حال من الأحوال وإنما كان مسلم العقيدة وطني النشأة مغاربي الهدف عروبي الهوى والهوية والآمال والطموحات
عن جريدة الحصاد الاسبوعي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad